هذا السؤال يشغل بال الكثيرين، إذ يتداول دائمًا خبر عن نبي وُلِد مرتين. فهل يمكن حقًا لشخص أن يولد مرتين؟ ومن هو النبي الذي ولد مرتين ؟ وما هي قصته؟ وكيف تم ولادته مرتين؟
من هو النبي الذي ولد مرتين |
من هو النبي الذي ولد مرتين:
النبي الذي ولد مرتين هو إدريس عليه السلام، أحد الأنبياء الذين ذُكِرَت أسماؤهم في القرآن الكريم. ومعنى ولادته مرتين يكون في المجاز، وليس الحرفي كما يعتقد البعض. فقد قام إدريس بدعوة قومين مختلفين في مواقع مختلفة، وهما بابل ومصر.
تداولت القصص حول رفع إدريس إلى السماء برفقة ملك الموت ورؤيته للجنة والنار، وغالبًا ما يُعتقد أن تلك القصص تنتمي إلى الإسرائيليات والله أعلم.
قام إدريس عليه السلام بدعوة الناس إلى الدين الحنيف لسنوات عديدة، حيث قسَّم المناطق المأهولة من الأرض إلى أربع مناطق وعين نوابًا لكل منطقة.
بعد آدم عليه السلام، تدهورت أحوال الناس ماديًا ومعنويًا. فأرسل الله إدريس عليه السلام نبيًا إلى المجتمع الذي كان يعيش في بابل. وكان المجتمع يعاني من الانحراف والشرور بشكل كبير، فبلَّغهم أوامر الله ونواهيه، ووصلته رسالة من الله تعالى تحتوي على ثلاثين صفحة. وجاء جبريل لينقل له أوامر الله تعالى أربع مرات.
أخبر إدريس عليه السلام قومه عن الأنبياء الذين سيأتون بعده، وأوصف لهم خصائص النبي محمد عليه السلام. كما تحدث عن طوفان نوح الذي سيحدث بعده، وأخبرهم بتفاصيل نبي آخر زمان هو محمد عليه السلام. قدَّم إدريس العديد من المعجزات التي أثبتت نبوته، ولكن قلة قليلة من قومه أطاعته، وعصته كثير منهم. وبعد ذلك هاجر إدريس عليه السلام من بابل إلى مصر، حيث استقر هناك مع المؤمنين الذين آمنوا به. جعل الله تعالى إدريس يتكلم 72 لغة، ودعا كل قبيلة إلى الدين الحق بلغتهم. قام بصنع آلات الحرب وجاهد الكفار.
كان إدريس عليه السلام معروفًا بعلمه في بناء المدن وإدارتها. قام بتأسيس مائة مدينة، وأسس كل دولة العديد من المدن في مناطقها وفقًا للقواعد التي علمها.
علم إدريس عليه السلام الناس مختلف العلوم، حيث قدم دروسًا في الحكمة والرياضيات لكثير من الناس. تناول القضايا العميقة والمتعلقة بالعلوم والطب والنجوم. قدَّم الله تعالى لإدريس علمًا بتكوين السماوات وأسباب ظهورها، وعلمًا عميقًا في مجال النجوم والحساب.
علَّم إدريس عليه السلام شعبه فن الكتابة بالقلم والخياطة بالإبرة. جاءت العلوم التي درسها له بإلهام من الله تعالى، فإنه لم يكن بإمكان عقول البشر أن تصل إلى تلك المعرفة إلا عن طريق البحث. استفاد الإغريق القدماء من كتاب إدريس عليه السلام والفلاسفة فيما بعد من معرفتهم بالفيزياء والكيمياء وحتى الطب.
كان إدريس عليه السلام يعرف عدد أوراق الأشجار، وعندما كان يصلي، كان يستغرق وقتًا في قراءة المسبحة قائلاً: "بقدر أوراق الشجر". كما كان يمتلك معرفة عميقة بعلم النجوم. وعندما دعا قومه إلى الإيمان، طلبوا منه أن يشرح لهم عن النجوم وتشكيلها وتواجدها في ظروف خاصة أخرى. تم نقل هذه المعرفة الواسعة من خلال الإمام علي عبد السلام، الذي شرح حالة النجوم.
لذا، يُقال أن "علم القوة" تركيبة من معرفة إدريس عليه السلام. كانت الملائكة تأتي لزيارته بشكل مجموعات، وكان يعرف اسم كل ملاك ومهمته ويمجده. عندما كانت السحب تنتشر في السماء بأمر الله، كانت تتفرق وتتحدث معه. هذه هي المعجزات التي منحها الله تعالى لإدريس عليه السلام.
وقبل أن يظهر نبوته، كان إدريس عليه السلام يكرس وقته للعبادة. كان يعيش مع الصالحين وكان يكسب رزقه من خلال عمله كخياط.