لماذا لا يستطيع الانسان التنبؤ بحدوث الزلازل؟

الى حدود اللحظة، ورغم التطور التكنولوجي الحديث إلا انه يصعب على العلماء التنبؤ بحدوث الزلازل بدقة ولا يمتلك العلماء سوى القدرة على إعطاء تقديرات احتمالية بحدوث الزلازل بالنسبة لكل منطقة في العالم بدون تحقيق معايير التنبؤ الأساسية المتعلقة بالمكان والوقت والقوة.لماذا لا يستطيع الانسان التنبؤ بحدوث الزلازل؟

لماذا لا يستطيع الإنسان التنبؤ بالزلازل قبل حدوثها
لماذا لا يستطيع الانسان التنبؤ بحدوث الزلازل؟

لماذا لا يستطيع الانسان التنبؤ بحدوث الزلازل؟ :

مع كل حادثة كبرى متعلقة بالزلازل كزلزال تركيا و سوريا مؤخرا، يتساءل الناس عن إمكانية التنبؤ بالزلازل. فعلى سبيل المثال، مكن التطور العلمي الحديث التنبؤ بالطقس بدقة، كما يمكن كذلك دراسة مدارات أبعد المذنبات وتفحص مقدار خطورتها على كوكب الأرض. فلماذا إذن يفتقد العلم الحديث القدرة على التنبؤ بالزلازل؟

ويُقصد بالقدرة على التنبؤ بحدوث الزلازل أن يتمكن شخص ما أو جهاز ما من التنبؤ بموضع انطلاق الزلزال، وموعد حدوثه، ودرجة قوته، وعلى مر التاريخ خرج الكثير من مدعي العلم والدجالين للقول إنهم امتلكوا أخيرا طريقة محددة للتنبؤ بالزلازل، لكن لم يثبت صحة ذلك حتى الآن.

ويمكن حصر الأسباب التي تحول بين بين تنبؤ الإنسان بحدوث الزلازل فيما يلي:

قشرة الأرض:

ولفهم الأمر جيدا، يجب أن نفهم أولا كيفية حدوث الزلازل؛ حيث يرتبط ذلك بالقشرة الأرضية، وهي أعلى طبقات كوكب الأرض. فإذا كانت الأرض بحجم تفاحة، فإن القشرة الأرضية ستكون بسمك قشرة التفاحة تقريبا.

لكن الإختلاف هناهو ان القشرة التي تغلف الأرض ليست كتلة واحدة ممتدة كقشرة التفاحة، بل تتكون من حوالي 20 قطعة تتداخل فيما بينها كما تتداخل قطع أحجية ورقية لصنع صورة كاملة لحيوان ما أو شخصية تاريخية. وتسمى هذه القطع بـ "الصفائح التكتونية"، و تتحرك هذه الصفائح ببطء شديد بالنسبة لبعضها البعض، بمعدلات من 1 إلى 20 سنتيمترا كل عام.

وتحدث الزلازل، حينما تتداخل اثنتان من هذه الصفائح بشكل عنيف ويمكن أن يؤدي ذلك التداخل لحدوث تصدعات وتحطم الصخور في إحداها، وهو السبب في حدوث الهزات الزلزالية. ويتناسب حجم وقوة الزلزال مع طول التصدع الناتج عن هذا التداخل بين الصفائح.

أسباب متنوعة:

لكن حدوث تلك التصدعات يرتبط بعدد كبير من العوامل التي لا يمكن لعلماء الجيولوجيا حصرها في نظام تنبؤ دقيق، فمثلا قد تتداخل بعض الصخور بعنف لكنها تكون لينة كفاية لتَحمّل الصدمات، أو قد تكون جافة كفاية لتتحطم فور اصطدامها وتتسبب في زلزال كبير، ولا يمتلك العلماء حتى الآن أية طريقة للتنبؤ بحال تلك الصخور التي تمتد على مدى آلاف الكيلومترات.

ضف لذلك أن تلك التصدعات لا تتحرك داخل الصخور باتجاه واحد، بل تتشعب مثل فروع الشجرة. و تلك التشعبات يتعلق بطبيعة كل قطعة صخرية داخل القشرة الأرضية ودرجة حرارتها، وهو أمر غاية في الضخامة والتعقيد بحيث لا يمكن دراسته بشكل كامل.

وفي الحقيقة، إن سمك القشرة الأرضية يتراوح بين 30 إلى 70 كيلومترا في القارات، بينما يبلغ من 6 إلى 12 كيلومترا في أعماق المحيطات، ولا يمكن للعلماء الوصول لهذا العمق في كل مكان من أجل دراسته، فأعمق حفرة تمكن البشر من حفرها بلغ عمقها 12 كيلومترا فقط، وهي بئر كولا العميق، وكان مشروعا علميا لاستكشاف قشرة الكرة الأرضية، أجراه علماء الاتحاد السوفياتي وبدأ في عام 1970.

وهناك سبب اخر لم نتحدث عنه بعد وهو أثر الجاذبية الأرضية الذي يختلف من مكان لآخر، وحركة طبقة الوشاح أسفل طبقة القشرة الأرضية، وهي الطبقة التي تقع بين نواة الأرض الشديدة الحرارة وقشرتها الخارجية الرقيقة، ويبلغ سمك طبقة الوشاح حوالي 2900 كيلومتر، وهي تتنوع في درجات الحرارة والرطوبة واللزوجة بشكل يؤثر تأثيرا متنوعا على القشرة السابحة فوقها بالأعلى.

إلى جانب ذلك، فإن طبيعة زحزحة الصفائح التكتونية غير مفهومة بالكامل، فهي بطيئة جدا وتتحرك بشكل يبدو للعلماء عشوائيا تماما، وبالتالي فإنه يصعب تنبؤ حدوث الزلازل لأن تداخل أي منطقة بين الصفائح التكتونية هو أمر ممكن نظريا في أي وقت.

لكن العلماء يحاولون، وعلى مدى عقود عدة، فقد تمت الكثير من الأبحاث ودراسة مجموعة واسعة من الإشارات المحتملة التي يُتوقع أن لها علاقة بحدوث الزلازل، مثل زيادة في تركيز غاز الرادون وبعض الغازات الأخرى والتي تخرج لسطح الأرض بسبب شقوق صغيرة في القشرة الأرضية قبل حدوث الزلزال.

كما بحث العلماء خلف علاقة الزلازل بالتغيرات في النشاط الكهرومغناطيسي، والتغيرات الجيوكيميائية في المياه الجوفية، وحتى سلوك الحيوانات غير المعتاد في اللحظات التي تسبق وقوع أي زلزال كبير.

لكن إلى الآن، لم يتمكن العلماء من تكرار تلك النتائج، بمعنى أنه قد تكون هناك بالفعل علاقة بين أي من هذه المعايير وحدوث الزلازل، لكن حينما يجري العلماء تجارب على الأمر فإن النتائج لا تتكرر بالنمط نفسه في كل مرة وبالتالي لا يمكن الحصول على أي نتيجة.

على سبيل المثال، قد تتصرف الحيوانات بشكل غريب قبل حدوث أحد الزلازل، ولكنها لا تتصرف بشكل غريب عند حدوث زلازل أخرى، وقد تتصرف الحيونات بشكل غريب في وقت لا تكون فيه زلازل أصلا.

ماهو الكائن الذي يستطيع التنبؤ بالزلازل؟

وبسبب العدد الكبير جدا للمعايير التي يجب وضعها في الحسبان للتنبؤ بحدوث الزلازل، فإن العلماء حاليا يأملون في استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكن لها قراءة أنماط لا يمكن للبشر قراءتها من أجل تحسين قدرة التنبؤ بالزلازل.

وحتى الآن، يصعب على العلماء التنبؤ بحدوث الزلازل بدقة المكان و الموعد و الشدة، فمثلا يحتمل أن تواجه بعض المناطق في العالم زلازل كبيرة بمتوسط محدد كل عدة عقود.

المصدر: قناة الجزيرة
أحدث أقدم

نموذج الاتصال