كثيرا ما نسمع قصة هاروت وماروت لكن لا نعرف عنها أي شيء، فما هي قصة هاروت وماروت التي ذكرت القرآن الكريم في سورة البقرة؟ وما صحة الشائعات المنتشرة عن هاروت و ماروت والسحر الموجود تحت كرسي نبي الله سليمان.
صورة لحضارة بابل القديمة |
قصة هاروت وماروت مكتوبة:
اختلف الكثيرون في حقيقة قصة هاروت وماروت، بل إن بعض المفسرون يقولون ان قصة هاروت و ماروت ذكرت في بعض الكتب القديمة وتقول أن ملكين نزل من السماء اسمهما هاروت وماروت نزل في بابل، وأنزل الله عز وجل فيهما شهوة حب الإنسان ففتنتهم امرأة.. فلما افتتن بها عاقبهم الله عز وجل عقوبا في الدنيا، وأخذت منهم هذه المرأة علما وهو علم كيفية الصعود إلى السماء، فتعلمت هذه المرأة هذا العلم فصعدت إلى السماء، فلما صعدت إلى السماء مسخت فأصبحت كوكب الزهرة الذي نعرفه الآن !!
وهذه القصة غير صحيحه، بل هي كذب وليس فيها أي سند أبدا.
فما هي إذن قصة هاروت وماروت الحقيقية؟
يقول الله تعالى:" وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" - سورة البقرة الآية 102.
كان اليهود يؤذون النبي محمد ﷺ من سب وشتم وما تركوا أحدا حتى أنهم طعنوا في الملكين جبريل وميكائيل وكانوا يقولون أن هذين الملكين عدو لنا، فأنزل الله تعالى: : " من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين " ، أي إن ذلك كفر بالله جل وعلا..
المهم في هذا الأمر أن اليهود كانوا أعداء لجبريل وميكائيل، وكانوا يزعمون أن جبريل وميكائيل هما اللذان أنزلت السحرة في بابل وهما سبب فتنة الناس وهم الذين يعلمون الناس السحر.
ما علاقة السحر بالنبي سليمان عليه السلام:
كان يذكر أن سليمان عليه السلام نبي من أنبياء الله تعالى كان عنده رجل كاتب اسمه (آصف) هذا الكاتب كان يكتب كل شيء عن سليمان وحياته وممتلكاته وكل شيء عن مملكته العظيمة.
ومن المعروف ان سليمان عليه السلام سخر الله له الجن والإنس والوحش والطير والريح وكل شيء عظيم من مُلك عظيم ما أوتي أحد مثل ملك سليمان .
فكان هذا الكاتب يكتب لسليمان كل شيء، وكان يكتب الاسم الأعظم الذي كان يعرفه سليمان و العلوم الشرعية والدينية وكان يدفنها تحت كرسي سليمان عليه السلام ودفن هناك بعض كتب السحر التي كانت متداولة في ذلك الزمن.
كانت الشياطين ما كانت تستطيع أن تقترب من عرش سليمان أبدا في حياته، فإذا اقتربت احترقت مباشرة. فلما مات سليمان، وبعد زمن طويل وقد ظن الناس أن سليمان لا زال حيا، كان متكئا على عصاه فلم أكلت دودة الخشب عصاه سقط سليمان فتبينت الجن أن سليمان قد مات.
فقام الجن والشياطين بإخراج كل شيء من علم سليمان وكتب السحر التي جمعها كاتبه تحت كرسي العرش وكان من بين هذه الكتب العلم الديني والعلم الشرعي فيها آيات الله وفيها اسم الله الأعظم وفيها كل ما تعلمه سليمان في هذه الكتب.
أخرجت الجن هذه الكتب وجعلت بينها السحرة والكفر يعني بين الكلام الشرعي ودعاء الله وغيره أدخلت السحر والكفر ودعاء لغير الله والاستغاثة بغير الله، ثم أعلنت الجن والشياطين وشياطين الإنس أن هذه كتب سليمان فقرأ الناس هذه الكتب ووجدوا فيها السحر ووجدوا فيها دعاء لغير الله والكفر بالله والشعوذة والسحر وعمل الكهنة والعرافين والشياطين...
فانتشر بين الناس أن سليمان كان يتعامل بالسحر وان سليمان سخر الجن والإنس و الريح و كل شيء بفعل السحر والشعوذة والكهانة والعرافين...
وقد انتشرت هذه الشائعات عند بني إسرائيل حتى جاء نبينا محمد ﷺ وأخبر الناس أن سليمان نبي من انبياء الله عز وجل وهذه قصصه في القرآن الكريم، فجاءت اليهود تقول ان سليمان نبي ساحر وان سليمان كافر .. تعالى الله عما يقولون وتعالى أنبيائه عما يصفون كانوا يصفون أنبيائه بالكفر والسحر، فكانوا يسبون سليمان ويسبون جبريل ويسبون ميكائيل، فأنزل الله عز وجل قوله : '' واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما اوُنزل على الملكين..." الى اخر الآية .
أي ما أنزل على الملكين من سحر و كفر و شعوذة وكهانة والأعراف ولا غيره و المقصود بالملكين في الأية الكريمة ليس هاروت وماروت بل الملكين (جبريل وميكائيل) اللذين كان اليهود اتهمهما بالسحر والكفر، وهما من أشرف وأعظم ملائكة الله عز وجل.
إذا ما كفر سليمان وما أنزل على سليمان من سحر، وكذلك ما أنزل على أي ملكين من سحر ولا كفر، وما كفر سليمان ولاكن الشياطين كفروا .
والسحر كُفر بالله العظيم ، والساحر مستحيل أن يصل إلى درجة السحر إلا بعد أن يكفر بالله ليس كفرا عاديا فقط، بل أقبح أنواع الكفر فمن السحرة اليوم من يبول على المصحف و منهم من يطأ بقدمه علي المصحف ومنهم من يضع النجاسات على المصحف ومنهم من يسب الله جهرا نهارا ومنهم من يذبح كل يوم لغير الله عز وجل ومنهم من يظل أربعين يوما بلا طهارة لا يتطهر من جنابة ولا يتوضأ ولا يصلي لله ركعة ولا يصلى.
إنما تتمثل له الشياطين فيسجد لها ويركع لها، و السحرة كلهم بلا استثناء كفار خارجون عن الدين. ولهذا أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الأمصار كلها أن اقتلوا كل ساحر وساحرة.
كل من أتى السحرة فقد كفر بالله ، بل ليس فقط الساحر حتى من يأتيه، فمن أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد.
قصة هاروت وماروت مختصرة:
كان هناك شخصان في بابل العراق الآن، واحد اسمه هاروت والثاني ماروت إما من الجن وإما من الإنس هذا هو القول الصحيح والراجح في كل كتب التفسير.
كان هاروت وماروت يعلمان الناس السحروالشعودة و كانت الناس تدفع أموال طائلة لتتعلم السحروطلاسيمه وانتشر السحر في العراق في ذلك الزمن انتشارا كبيرا.
في بابل كان هاروت وماروت يعلمان الناس السحر و قواعده ويتعلمون منهما ما يفرقون بين المرء وزوجه، لأن أعظم أهداف السحر والسحرة و الشياطين هو هدم الأسرة وتحطيمها، فإن هدمت أسرة هدم المجتمع فيتحقق هدف السحرة والكهنة والعرافين بالحصول على الأموال وتفريق الأسر وهدمها.
كان هاروت وماروت يعلمون السحر في بابل وربطت اليهود السحر بسليمان عليه السلام ولازالوا يعتقدون ذلك إلى زمن النبي ﷺ فيتهمون سليمان عليه السلام بأنه كان يأتي السحرة وكان يفعل الكفر.
فنفى الله عز وجل عن سليمان هذه التهمة بالأية الكريمة : " وما كفر سليمان، ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر" .
بعض الطلاسم اليوم تجدها مكتوب أن هذا خاتم سليمان وهذه طلاسيم من سحر سليمان، وهذا الطلسم كان في عهد سليمان وهذا كله كذب وبهتان وكله زور وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر...
و هذه الآية الكريمة إذا قُرأت على بعض المسؤولين أو بعض أماكن عمل السحر أو بعض الطلاسم التي تأتيها الشياطين جنا وإنس فإنها تبطل ذلك السحر بإذن الله عز وجل.
لأن الله تعالى يبين ويفضح الشياطين في هذه الآية أنهم هم أهل السحر وهم اهل الشعودة وهم الذين أتوا السحر.
فقصة هاروت وماروت ببابل ليست كما يزعمه الكثير من الناس واعتقاد كوكب الزهرة أنها امرأة مسخت. هذا كله غير صحيح ، وانما هاروت وماروت هما رجلان أو جنيا كانا في بابل ينشرون السحر ويعلمونه للناس وفتن الناس بهما، وانتشر السحر منذ ذلك الزمن والشياطين من الجن والإنس تنشره الى يومنا هذا.
وأخيرا، كانت هذه قصة هاروت وماروت التي ذكرت في سورة البقرة فيها عبرة وموعظة وكل من أتى السحرة فليتق الله عز وجل فإن هذا الأمر يخرجه من دين الله.